تفاقم مشكلة ظاهرة التغير المناخي ؟

تبرز تداعيات ظاهرة التغير المناخي كمشكلة حقيقية تتفاقم باطراد ويجب إيجاد حل لها تجنبا لآثارها الكارثية على الكرة الأرضية بأسرها عبر التخطيط الجيد والتعامل مع المتغيرات الآنية بجدية لجميع دول العالم الغنية منها والنامية على حد سواء لأن الإنسان وحده من تسبب بها ويقع على عاتقه إيقافها

وفيما يقول العلماء إن تغيرات المناخ كانت من الأسباب الرئيسية التي أسهمت بزوال العديد من الحضارات في العصور السابقة تشير الدراسات إلى أن أثر تلك التغيرات يمتد ليشمل الثروة الزراعية والطاقة والبحار والمحيطات والصحة.

ويؤدي التغير المناخي الذي يسببه الإنسان والناتج أساساً عن انبعاث غازات الاحتباس الحراري عند احتراق الوقود الأحفوري إلى تكرار وقوع ظواهر جوية قاسية وغير متوازنة ويؤثر كذلك في كمية المياه وجودتها إضافة إلى ضعف الإنتاج الزراعي وصحة الإنسان.

وتتحمل الدول الصناعية الكبرى مسؤولية تفاقم ظاهرة التغيرات المناخية الناتجة عن انبعاث أكثر من 75 بالمئة من إجمالي ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري /الغازات الدفيئة/ حيث يؤدي استخراج وحرق مليارات الأطنان من الوقود الأحفوري/النفط والغاز والفحم/لتوليد الطاقة إلى الاحتباس الحراري وقد تمكنت هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى2ر1 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية حيث تحمل بعض الدول كالبرازيل الدول الصناعية الكبرى مسؤولية الجزء الأكبر من أعباء التصدي للتغير المناخي.

ويتجلى تأثير الاحتباس الحراري الرئيسي بذوبان الجبال الثلجية وتمدد البحار والمحيطات وارتفاع منسوبها وارتفاع مستوى مياه البحر وزيادة نسب تبخر مياه البحار والمحيطات وزيادة الأمطار وشدة العواصف والأعاصير في بعض المناطق وإحداث عدم توازن في مناطق أخرى وذوبان أرضية الجزر القائمة على طبقات التربة دائمة التجميد وكلها تؤدي إلى تآكل تدريجي قد يؤدي في نهاية المطاف لاختفاء بعض الجزر مثل جزر تفالو و المالديف وسواحل البحار والمحيطات.

وعلى الصعيد الإنساني يؤدي الاحتباس الحراري إلى جفاف في مناطق أخرى وزيادة انتشار الملاريا وغيرها من الأمراض المنقولة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية إضافة إلى أثر التغير المناخي على عمل النظم الإيكولوجية وتنوعها البيولوجي والذي سيضعف بدوره أساسات التنمية المستدامة كما أن ارتفاع منسوب البحر المرتبط بالزيادات المتوقعة في درجات الحرارة من الممكن أن يتسبب بتشريد الكثيرين ممن يعيشون في المناطق المنخفضة مثل نهر دلتا النيل كما أنه قد يهدد وجود البلدان الجزرية حيث يتوقع أن يرتفع مستوى مياه البحر بنحو 40 سنتيمتراً بحلول عام 2080 ما يزيد من نسبة التمدد الحراري للمحيطات الذي يصاحب ارتفاع الحرارة.

وفي هذا الإطار أثبت دراسات عدة أن 250 مليون ضحية تسقط كل عام نتيجة للكوارث المرتبطة بحالة التغير المناخي مثل الفيضانات والجفاف وقد كشفت دراسة أجرتها منظمة اوكسفام الخيرية البريطانية أنه مع حلول العام 2015 سيرتفع أعداد ضحايا المناخ إلى ما يقارب 375 مليون شخص الأمر الذي من شأنه تقويض النظام الدولي للمساعدات الإنسانية في ظل الصدمات والأزمات المالية العالمية المتلاحقة.

ويمكن معالجة مشكلة تغير المناخ عالمياً عن طريق تخفيف انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الانبعاث الحراري لكن توقعات علماء الهيئة الاتحادية الدولية المعنية بتغير المناخ تشير إلى أن الحل يمكن أن يكون على المدى الطويل ويتراوح بين 30 إلى 50 عاماً في حال تكاتفت جميع قطاعات المجتمع على التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة

ورغم الدعوات والتحذيرات التي أطلقتها المنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع الدولي للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وما تشكله من آثار خطرة ومدمرة على المجتمعات والإقتصادات إلا أن المجتمع الدولي قام ببعض الخطوات الشكلية للتصدي لظاهرة التغير المناخي والتخفيف من مخاطرها تمثلت في عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات منها بروتوكول مونتريال لعام1986الخاص بحماية طبقة الأوزون وينص على حظر استخدام المواد الضارة وغازات الكلوروفلور كربون التي تدمر طبقة الأوزون الواقية للأرض ورغم انضمام 191 دولة للإتفاقية حتى وقتنا الراهن إلا أنها تبقى دفعة بطيئة ومتأخرة في الاتجاه الصحيح.

وهناك بروتوكول كيوتو لعام1997 في اليابان الذي يلزم 45 دولة صناعية منها الصناعية الكبرى التي تشكل مصدر 30 بالمئة من الغازات الضارة بيئيا بأهداف ومحاذير محددة من شأنها خفض درجة الغازات الضارة بيئيا وقد تكسرت طموحات وأهداف هذا البروتوكول على صخرة التعنت والامتناع الأمريكي الرافض لعملية التوقيع على المعاهدة إذ ترى واشنطن أن الإنضمام للمعاهدة سيلحق خسائر فادحة لاقتصادياتها التي تبدو في حال يرثى لها حاليا إزاء الأزمة المالية العالمية الخانقة.

وقد نادت قمة دول آسيا والمحيط الهادي التي عقدت عام 2007 بمدينة سيدني الأسترالية في إطار منتدى التعاون الإقتصادي لهذه الدول/إيبك/بضرورة الإلتزام بالمسؤولية الإنسانية والحضارية من خلال تكثيف الجهود لدرء الخطر البيئي الراهن فيما أصيب مؤتمر بالي للتغيرات المناخية لعام2007 بانتكاسة كبيرة جراء مطالبة الولايات المتحدة الأميركية بإسقاط أحد أهم أهداف المؤتمر والقاضي بتخفيض الإنبعاثات الحرارية للدول الصناعية الكبرى لاسيما أن المؤتمر ركز محادثاته حول إتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به عام2012.

وبما أن حرق الوقود الأحفوري هو المصدر الأساسي للغازات الدفيئة اي/ظاهرة الاحتباس الحراري/ينبغي تقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للطاقة ولاسيما ان الحلول موجودة من خلال ترشيد استخدام الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة إذ تؤمن موارد هذه الطاقة كالشمس والهواء والأمواج مصادر فاعلة وموثوقة للطاقة وتحترم البيئة