شرف يصف أحداث القاهرة بالمؤامرة وواشنطن تنفي التدخل بالأزمة

قتل 24 شخصا وأصيب نحو 300 إثر اشتباكات بين قوات الأمن ومحتجين من الاقباط في تظاهرات "يوم الغضب القبطي" التي جاءت ردّاً على هدم أجزاءٍ من كنيسة ٍبقرية الماريناب في وتجاهل السلطات الحاكمة تحقيق مطالبهم بعد الثورة، وفضّ إعتصام لهم أمام ماسبيرو بالقوة مساء الثلاثاء الماضي.

نفت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تصريحات منسوبة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تحدثت عن عرض واشنطن إرسال قوات أميركية لحماية المنشآت الحيوية في مصر بعد أحداث العنف بين قوات الجيش والشرطة والأقباط.

وقال مصدر أميركي مسؤول رفض الكشف عن هويته إن "الإدارة الأميركية لم تصدر أي موقف رسمي أو تصريح على لسان أي من مسؤوليها بشأن أحداث ماسبيرو" حتى الآن. وأضاف أن "ما تردد عن عرض واشنطن توفير الحماية والمساعدة بقوات أميركية لحماية دور العبادة الخاصة بالأقباط والمناطق الحيوية في مصر غير صحيح وعار تماما من الصحة".

وكانت وسائل إعلام مصرية قد تداولت تصريحات منسوبة لكلينتون قالت فيها إن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال قوات للمساعدة في حماية دور العبادة والمناطق الحيوية في مصر.  ومن ناحيته قال مستشار لجنة الكونغرس المكلفة بشؤون مكافحة الإرهاب وليد فارس إن "إجراء تحقيق مستقل في الأحداث التي تشهدها مصر من شأنه التوصل إلى كشف ملابسات ما جرى".

وسقط 24 قتيلا الاحد خلال مواجهات رافقت تظاهرة للاقباط في القاهرة احتجاجًا على احراق كنيسة لهم في الصعيد، وذلك في اكثر اعمال العنف دموية منذ الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير. وقد فرضت السلطات المصرية حظرا للتجوال على بعض شوارع القاهرة في أعقاب أعمال العنف الدامية.

واعلن التلفزيون الرسمي ان المتظاهرين رشقوا قوات الامن بالحجارة، ونقلوا عن شهود قولهم ان المتظاهرين الاقباط كانوا مسلحين. الا ان العديد من المواقع الاجتماعية مثل تويتر اشارت الى تدخل "بلطجية" في الاحداث للتشويش على تظاهرة الاقباط، كما اتهم اخرون وسائل اعلام رسمية وخصوصا التلفزيون الرسمي باستخدام خطاب مناهض للمسيحيين.

وبدأت المواجهات بعد وصول الالاف من المتظاهرين الاقباط الى شارع ماسبيرو امام مبنى الاذاعة والتلفزيون قادمين في مسيرة من حي شبرا احتجاجا على اعمال العنف الطائفية. ولم تتضح بعد اسباب اندلاع العنف. وقال مراسل لفرانس برس ان متظاهرين اقباطا رشقوا قوات الجيش والامن المركزي الذين يحرسون المبنى بالحجارة واشعلوا النار في سيارتين. واكد التلفزيون المصري احتراق سيارة للجيش.

وحاولت قوات الامن تفريق المتظاهرين باطلاق النار في الهواء. ومن شبرا الى ماسبيرو هتف المتظاهرون الذين رفع بعضهم الصلبان "يسقط المشير" محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى ادارة البلاد منذ تنحية الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير الماضي. وقد تعرضوا لرشق بالحجارة خلال مسيرتهم .

وأعلن وزير الاعلام المصري أسامة هيكل أن الفوضى حدثت فجأة مؤكدا وجود مندسين بين المتظاهرين، ونفى هيكل أن تكون سيارات الجيش قد دهست متظاهرين.
وأفاد مصدر أمني أن 15 شخصا تم اعتقالهم على خلفية الاشتباكات، بينما اندلعت مواجهات بين مسلمين واقباط قرب مستشفى في القاهرة

ودعا رئيس الوزراء المصري عصام شرف القيادات السياسية والكنسيّة، ولجنة العدالة الوطنية بسرعة التدخل لاحتواء الموقف جراء الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مساء الأحد أمام مبنى التليفزيون المصري بوسط القاهرة بين آلاف من المتظاهرين المسيحيين وعناصر الجيش والأمن المصري .

ووصف شرف، أحداث العنف التي شهدتها منطقة "ماسبيرو"  بأنها "مؤامرة دنيئة" تستهدف مصر وشعبها، داعياً إلى وحدة أبناء الشعب المصري بكل طوائفه في مواجهة تلك المؤامرة، في الوقت الذي أفادت فيه السلطات الصحية بارتفاع عدد الضحايا إلى 24 قتيلاً على الأقل، وأكثر من 213 جريحاً.

كما دعا إلى ضبط النفس وتحمل المسؤولية تجاه أمن الوطن والمواطن حتى تتمكن مصر من عبور تلك المرحلة المهمة وإطلاق العملية الديمقراطية في مناخ آمن .

ووجه رئيس مجلس الوزراء المصري بياناً إلى الأمة، عبر التلفزيون الرسمي فجر الاثنين، حول المواجهات الدامية التي اندلعت بين مئات المحتجين من الأقباط وقوات الأمن والشرطة العسكرية، أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون مساء الأحد، شدد فيه على قوله "إننا تستسلم للمؤامرة الدنيئة، التي تستهدف مصر وشعبها."

وقال شرف في البيان: "الأخوة المواطنون أبناء شعب مصر العظيم، لقد مرت مصر بساعات عصيبة ومؤلمة لكل مواطن مصري شريف ومخلص، فقد شهدنا أحداث عنف غير مبررة، راح ضحيتها عدد من أبناء مصر الشرفاء، من المدنيين والعسكريين"، وشدد على أنه "من الصعب أن نركن لفكرة أن ما حدث في مصر خلال الساعات الماضية، هو فتنة طائفية، ولكن المؤكد أنه مشهد من مشاهد هذه المؤامرة."

وتابع أن "هذه الأحداث عادت بنا إلى الخلف خطوات، وألقت بظلال من الخوف والذعر على مستقبل الوطن، وبدلاً من أن نتقدم للأمام لبناء دولة حديثة على أسس ديمقراطية سليمة، عدنا لنبحث عن الأمن والاستقرار، والشك في وجود أصابع خفية خارجية وداخلية، تريد أن تقف أمام إرادة الغالبية العظمى من شعب مصر، ورغبتهم في إقرار نظام ديمقراطي سليم."

وأضاف أن "أخطر ما يهدد أمن الوطن، هو العبث بملف الوحدة الوطنية، وإثارة الفتنة ما بين المسيحيين والمسلمين من أبناء مصر العزيزة، وكذلك بين الشعب والجيش، وهو مناخ يتيح الفرصة لأعداء الوطن كي يعبثوا بأمنه ويثيروا الفرقة والشتات، هذا هو الهدف.. ولكننا لن نستسلم لهذه المؤامرات الخبيثة، ولن نقبل بالعودة إلى الخلف، فلا أحد من شعب مصر يقبل بهذا الخراب الذي شهدناه اليوم."

وبين الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري السفير محمد حجازي أن عصام شرف على اتصال دائم برئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي ، لمتابعة تطورات الموقف .