شرط تركيا لفتح مدرسة الرهبان

اشترط رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان لفتح "مدرسة الرهبان" في اسطنبول، أن تسعى أثينا إلى حل مشاكل ومتاعب الأقلية التركية القاطنة بمنطقة تراقيا الغربية في اليونان. مما أعاد النقاش حول موضوع فتح "مدرسة الرهبان" من جديد.

أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بداية الأسبوع الجاري، شرط تركيا لقبول إعادة فتح "مدرسة الرهبان" في اسطنبول، محددا الشرط في حل أثينا مشاكل ومتاعب الأقلية التركية القاطنة بمنطقة تراقيا الغربية في اليونان.

وأضاف مؤكدا أن على الحكومة اليونانية بدورها وضع مطالب الأقلية التركية بنظر الاعتبار وحل مشاكل رجال الدين الأتراك وبقية المسلمين الذين يعيشون هناك وكذلك حل بقية مشاكلهم مثل البطالة وتأسيس الجمعيات واختيار من يمثلهم.

وساءل رئيس الوزراء تركيا مسؤولي اليونان بقوله: "وأنتم ماذا تفعلون؟"، ليجيب: "أنتم رفضتم الإعتراف بشكل رسمي بالمفتي الذي اختاره المواطنون الأتراك في منطقة تراقيا الغربية، بل أعلنتم الشخص للذي عينتموه بأنفسكم مفتيا بشكل رسمي وهذا شيء غير مقبول".

إعادة فتح النقاش
نقلت صحيفة "صباح" التركية خبرا عنونته بـ "يمكننا مناقشة موضوع فتح مدرسة الرهبان"، نقلت فيه تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حول الموضوع على الشكل التالي: "إن إنخرط الطرفان في هذه المسألة بشكل مشترك فنحن مستعدون للمشاركة، ويجب عليهم أن يلقوا بخطوات جادة في هذا الموضوع. ويمكن المناقشة والتحدث في موضوع مدرسة الرهبان".

وكانت الخارجية التركية قد نفت في وقت سابق صحة تقارير أنباء عن أن الحكومة تعهدت لليونان بإعادة فتح مدرسة الرهبان الأرثوذكسية بغربي تركيا. وقالت في بيان أصدرته: "الجميع يعلم أن الأقليات في البلدين تعتبر من أكثر المواضيع طرحا بين تركيا واليونان الا أن الحكومة لم تقدم لليونان أي وعود تذكر في إعادة فتح مدرسة الرهبان ولم نبعث بأي بيان خطي بهذا الصدد الى رئاسة الأركان".

مساعي تركيا لفتح المدرسة
ذكر أردوغان أن مساعيهم مستمرة بخصوص "مدرسة الرهبان" التي كانت قد أُغلقت مع بقية المدارس التابعة لكافة الوقفيات في تركيا في عام 1971.

وذكر بيان لوزارة الخارجية التركية أن من المساعي في هذا الاتجاه بحث وزارة التعليم ومجلس التعليم الأعلى في تركيا في مدى الإمكانات المتاحة لإعادة فتح هذه المدرسة لكن لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرار فعلي بصدده.

وتعتبر تركيا مسألة "مدرسة الرهبان" على أنها مسألة تتعلق بحقوق الإنسان وينبغي إيجاد حل لها في هذا الإطار. وقد وُجه سؤال في الموضع إلى الناطق باسم وزارة الخارجية، فرد قائلا: "إنها قضية تخص مواطنينا من الأقليات. إن مؤسسات الدولة عاملة".  وأضاف: "وللمسألة أبعاد قانونية. وإن هذا القرار، هو قرار ستتخذه جمهورية تركيا مستقلا عن بقية المواضيع".

مرتكزات إغلاق 1971
جاء إغلاق المدرسة الذي تم بعد انقلاب 1960 العسكري تماشيا مع اتفاقية لوزان التي وقعتها تركيا مع الحلفاء عام 1923 في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتعرضت نصوصها -من بين أمور أخرى- لأوضاع وحقوق الأقليات بتركيا واليونان.

وتعتبر أنقرة مسألة إعادة فتح مدرسة الرهبان الرومية مسألة داخلية متوقفة على مدى حاجة الطائفة المسيحية الأرثودوكسية في تركيا إليها وليس وفقا لحاجة ارثودوكس أوربا والعالم، بمعنى أنها لا ترغب بتحول المدرسة الى مركز إستقطاب أرثودوكسي عالمي. علماً أن عدد الأقلية الأرثودوكسية انخفض كثيرا ولم يعد يتعدى بضعة آلاف فقط، مما يدفع المعارضين للفكرة إلى التشديد على أن هذا العدد القليل لا يستوجب فتح مدرسة لتخريج الرهبان.

وكانت مدرسة الرهبان قد أُغلقت في عام 1971، بعد أن ظلت تعمل لنحو 140 عاما خرجت خلالها نحو ألف راهب. وألغيت ملكية الكنيسة الأرثودوكسية الشرقية التي كانت تتخذ من اسطنبول مقرا لها منذ العهد البيزنطي للمدرسة التي كانت تستخدمها لإعداد رجال الدين في تركيا.

وتذكر تقارير إعلامية أن من أسباب الإغلاق عدم تناسب وضع المدرسة الإكليريكية مع نظام مؤسسة التعليم العالي التركي.

الدعم الأمريكي
يعتبر موضوع "فتح مدرسة الرهبان" من القضايا التي تنتقدها الولايات المتحدة الأمريكية على تركيا، وهو أحد النقاط التي سجلها تقرير "الحريات الدينية" السنوي الصادر عن الخارجية الأمريكية، وإن كان يشير إلى أن حرية المعتقد الديني موجودة عموما في تركيا.

وينص التقرير على أن من بين إنتهاكات التركية في مجال الحريات الدينية بين 1 يونيو 2008 ـ 30 يونيو 2009 النقاط التالية:  

ـ الأقليات الدينية مثل المسيحية والبهائية ماتزال تعاني من صعوبات في القيام بنشاطات تعليمية خاصة بمعتقداتها "لأن الدولة تخشى من تنامي عدد مريديها وتوسع نطاق تعاليمها الدينية".

ـ الدولة تحد من حقوق الطائفة الرومية الأرثودوكسية في نقطتين الأولى حظر إعادة فتح "مدرسة الرهبان" في إسطنبول المغلقة منذ عام 1971 بموجب قانون يحظر على الجماعات والطوائف الدينية إنشاء دور تعليمية دينية والثانية رفض طلب الكنيسة الأرثودوكسية جعل كنيستها في إسطنبول المقر الديني الرئيسي للمذهب الأرثودوكسي في العالم.

ينضاف إلى هذا، الدعم الذي يعطيه الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما للقضية، فقد نادى إبان حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية تركيا إلى إعادة فتح "مدرسة الرهبان" في اسطنبول ومنح رجال الدين من مختلف المذاهب حق التعليم الديني.

كما قام باستقبال أواخر السنة الماضية بطريريك الكنيسة الأرثودوكسية الرومية في إسطنبول بارثولوميوس في البيت الأبيض، وجاء في تصريح للبيت الأبيض عقب الاستقبال أن الرئيس أوباما أعرب خلال اللقاء عن دعمه لطلب الكنيسة الأرثودوكسية من تركيا منح الكنيسة حق الزعامة الدينية وجعلها المقر الديني الرئيسي للمذهب الأرثودوكسي في العالم، وتأييده أيضا لإعادة فتح "درسة الرهبان" في جزيرة هيبلي قبالة سواحل اسطنبول المغلقة بموجب القوانين التركية التي تحظر على الجماعات والطوائف الدينية إنشاء دور تعليم دينية.

ويأتي طلب الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بإعادة افتتاح المدرسة في اتصالات أجراها مع مسئولين أتراك في هذا السياق.

يذكر أن بطريرك القسطنطينية برتولوميوس الأول (الزعيم الروحي للروم الأرثوذكس ومقره اسطنبول) دأب على انتقاد سياسة أنقرة حيال الأقليات المسيحية في تركيا ولاسيما حقوق ملكية المباني الأرثوذكسية. وطالب الحكومة التركية مرارا بأن تسمح في اعادة فتح مدرسة للاهوت التاريخية على جزيرة (هايبلي) الواقعة في بحر مرمرة قبالة اسطنبول.

ويبقى بطريرك الكنيسة الأرثودوكسية في اسطنبول متفائلا في تصريحاته الصحفية، بشأن إعادة فتح "مدرسة الرهبان" في جزيرة هيبلي الواقعة في بحر مرمره قبالة سواحل إسطنبول.