القناة الأمازيغية حدث المشهد الإعلامي المغربي

أعلن خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مساء يوم أمس الأربعاء (06-01-2010) بالرباط ، عن انطلاق القناة الأمازيغية.

وأوضح الناصري، خلال حفل نظم بفندق حسان، أن هذا الإعلان لحظة مميزة، وأشار إلى أن القناة الأمازيغية، التي انطلقت في بث تجريبي إلى غاية فاتح مارس المقبل، ستكون قناة عامة تعنى بالإعلام والتربية والثقافة والترفيه وغيرها وتتميز عن باقي القنوات الأخرى بكونها لن تبث إلا من إنتاجها كما أنها لن تكون قناة منكفئة على ذاتها بل ستوظف أساسا الاختلاف باعتباره قيمة مضافة في الهوية المغربية المتفردة القائمة على جدلية التنوع والوحدة.
 
ومن جانبه ، شدد فيصل العرايشي الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على "المنجز التقني المشرف" الذي تم بأطر مغربية، وعلى الوسائل التقنية المتطورة التي تم تجهيز القناة الأمازيغية بها، مشيرا إلى أنها ستبث ما بين 70 و80 في المائة من برامجها بالأمازيغية بتعابيرها الثلاث على أن يبث الباقي بالعربية.
 
واعتبر أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، من جهته، انطلاق القناة  الأمازيغية "حدثا تاريخيا" يؤرخ لمسار جديد لسياسة الدولة في مجال الإعلام والتي سنها الملك محمد السادس في خطاب 30 يوليوز 2001، وفي خطاب "أجدير" في السنة ذاتها والذي تضمن رؤية جديدة للهوية الوطنية التي يشكل الرافد الأمازيغي، لغة وثقافة وحضارة، أحد روافدها الأساسية.
 
 وأشار إلى أن هذا المولود الإعلامي الجديد من شأنه أن يخدم التنوع الثقافي واللغوي بالمغرب، ويعكس الثراء المادي وغير المادي للثقافة المغربية، ويسهم في تطوير الثقافة واللغة الأمازيغية وتجديدها وتجويدها.
 
وقدم محمد ماماد، مدير القناة الأمازيغية، عرضا مسهبا حول برامجها التي ستوجه لمجموع المشاهدين المغاربة وتهتم بانشغالاتهم من خلال البث بشكل يومي لمدة ست ساعات من الإثنين إلى الجمعة، وعشر ساعات يومي السبت والأحد.
 
إدماج الأمازيغية في الفضاء الإعلامي المغربي:
يعتبر إنشاء هذه القناة حدثًا إعلاميًا في المشهد التلفزيوني المغربي. إذ يأتي تأسيسها بعد عثرات وجدال حول موضوع إدماج الأمازيغية في الفضاء الإعلامي المغربي، في خضم تجاذبات تناولت الثقافة الأمازيغية، وسبل إعادة الاعتبار لها في المجتمع. فالمعروف أن جزءاً كبيراً من سكان المغرب يتكلم اللغة الأمازيغية. وقد تناول هذا الإدماج في البداية منح «كوتا» للأمازيغية في البرمجة العامة لقناتي القطب العمومي، تتمثل في تخصيص 30 في المئة من حيز القناة الزمني للبرامج والأخبار الناطقة بهذه اللغة. وفي هذا الإطار جاء الاتفاق سنة 2005 بين وزارة الاتصال والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

وبالفعل أنجزت مجموعة من البرامج وقدمت للقناتين، لكنها لم تر النور، ولم تحترم «الكوتا» المقررة. إذ اكتفت القناتان ببث برامج قديمة دُبلجت إلى الأمازيغية. ما دفع إلى ارتفاع بعض الأصوات احتجاجا على هذا الوضعً.

والأكيد أن إبصار القناة الأمازيغية النور من شأنه أن يحد من الجدال ويمنح للجميع فرصة تأمل الحضور الأمازيغي في الإعلام المرئي المغربي.

بين رؤيتين:
وكما هي العادة مع الأشياء الجديدة، فإنها تحضر بقوة لتكون ضيفا طارئا على أحاديث المواطنين والمهتمين الذين ينقسمون في موضوع القناة الأمازيغية ما بين من يعتبرونها بالخطوة الهامة والمكسب الإعلامي، ومن يرونها مصدر خوف من أن تنحو هذه القناة الجديدة منحى القنوات المغربية الأخرى التي جعلت من الثقافة الأمازيغية مجرد فولكلور وتراث فُرجوي.

وبين هؤلاء وهؤلاء -من يؤيد ويعارض، ومن يبتهج ويتشكك- يرتسم المشهد كله بتفاصيله التي تستدعي الطرح والنقاش والعرض.

مهتمون بالثقافة الأمازيغية أشادوا بإحداث هذه القناة الجديدة، ومنهم من اعتبرها حدثا تاريخيا بالنسبة للمغرب، ويرون أن القناة أتت انسجاما مع توجيهات أعلى سلطة في البلاد لإعطاء مفهوم جديد لمنظومة حقوق الإنسان، باعتبارها منظومة متكاملة غير قابلة للتجزيء تتضمن الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية...

لكن هذه الإشادة من طرف البعض لا تعني أن الرضا يعم الجميع، فكثيرون من المثقفين والفاعلين الأمازيغيين كانوا -من حيث المبدأ- ضد إنشاء قناة تلفزية أمازيغية. انطلاقا من فكرة رئيسية، تتمثل في كون المغرب يعتبر وطنا واحدا ولديه هوية واحدة بتعبيرات مختلفة، وبالتالي يجب أن يكون لدى المغاربة تلفزيون واحد، لكن يعكس مختلف هذه التعبيرات.

مادام بث القناة صار أمرا واقعيا، فيرون أن هذه القناة قد تكون خطوة إيجابية بشروط، منها أن يعكس محتواها وبرامجها الثقافة والحضارة الأمازيغية بشكل عميق وبشموليتها، وأن تأتي بوجوه جديدة ذات حضور وشأن في الثقافة الأمازيغية بالبلاد، وأن تتجاوز الفولكلور، أي تقديم الأمازيغية على أنها مجرد فنون ورقصات فلكلورية فحسب، مما يعد إساءة للثقافة الأمازيغية الأصيلة.


كرونولوجيا تأسيس قناة الأمازيغية بالمغرب