تفاعل أزمة المقابر في إسبانيا مع عرقلة اليمين بناءها

تعاني الجالية المسلمة في إسبانيا أزمة عدم توافر المقابر الإسلامية، والتي تقدّر حاليًا بنحو 10 مقابر فقط لنحو مليون ونصف مليون مسلم في كامل التراب الإسباني. هذه الأزمة المتفاعلة، التي يقف وراءها اليمين المتطرف، أدت إلى إرتفاع عمليات ترحيل الموتى بنسبة 90 % خلال السنوات الأخيرة.

تواجه الجالية المسلمة في إسبانيا أزمة خفية لا يمكن تجاوزها وتناسيها مع مرور الزمن، لأنها تمثل حقًا بشريًا يتعلق بدفن الموتى المسلمين في مقابر إسلامية تعدّ نادرة ومحسوبة على أصابع اليد، مما أدى إلى إرتفاع عمليات ترحيل الموتى بنسبة 90 % خلال السنوات الأخيرة، وبتكاليف باهظة تفوق 4 آلاف يورو.

والسبب هو أزمة بناء مقابر إسلامية تحرّكها عراقيل بيروقراطية وتيارات سياسية من اليمين، التي تقف في وجه المنظمات والجمعيات الإسلامية في إسبانيا، وتحاول بمختلف الطرق القانوينة إيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة التي يحرّكها في غالب الأحيان رؤساء بلديات تنتمي إلى حزب اليمين ولجان أحياء لا تريد أن يدفن المسلمون في مقابر مسيحية أو إسلامية على مقربة من بلدياتهم.

فالجالية المسلمة في إسبانيا تعاني أزمة عدم توافر المقابر الإسلامية، والتي تقدر حاليًا بنحو 10 مقابر إسلامية مخصصة فقط لنحو مليون ونصف مليون مسلم في كامل التراب الإسباني ..غير أنه يمكن عدّ مقبرتين فقط مخصصة بكاملها للمسلمين.

حيث توجد المقبرة الأولى في ضواحي العاصمة مدريد في منطقة "غرينيون" والثانية في منطقة "فوانخيرولا" قرب مدينة ملقا في جنوب إسبانيا، فرغم الإتفاق المبرم بين الحكومة الإسبانية والهيئة الإسلامية في إسبانيا منذ أكثر من 20 عامًا، إلا أن بوادر أزمة بناء المقابر لم تُحلّ بسبب البيروقراطية وعدم تمكن الهيئات الإسلامية عبر مختلف الأقاليم  في التحصل على رخص قطع أرض لتخصيصها كمقابر للجالية المسلمة.

أدت هذه الأزمة إلى إرتفاع عمليات ترحيل الموتى المسلمين، وأكثرهم من جنسية مغربية، من أجل دفنهم في ارض الوطن، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى إرتفاع عمليات الترحيل بنسبة 90 %، رغم أن تكاليف هذه العملية باهظة جدًا، وتقدر بأكثر من 4 آلاف يورو، وليست بالعملية السهلة عندما يتعلق الأمر بنقل جثمان ميت من بلد إلى بلد آخر لصعوبة الإجراءات القانونية.

 المجالس البلدية تعلن حق الفيتو أمام بناء المقابر الإسلامية 
ترتبط أزمة بناء المقابر الإسلامية في إسبانيا في أصلها بعراقيل وفيتو يعلنه غالبا أعضاء مجالس بلدية إسبانية وتنتمي في غالبها إلى أحزاب اليمين ومن خلال قراراتها تعطل حق الجالية المسلمة في حصولها على قطعة أرض سواء بالملكية او التأجير من أجل تخصيصها كمقبرة إسلامية رغم أن القانون واضح في المعاهدة التي وقعت بين الهيئة الإسلامية الإسبانية و الحكومة عام 1992.

فالجمعيات الإسلامية في مختلف أنحاء إسبانيا تواجه عراقيل من قبل المجالس البلدية خاصة التي يحكمها أحزاب اليمين حيث يمتنع اعضاء المجلس البلدي عن منح قطعة أرض للجمعيات الإسلامية من أجل تخصيصها كمقبرة إسلامية عن طريق الشراء او التأجير لمدة خمسة أعوام رغم أن  بعض البلديات في مختلف الأقاليم الإسبانية تنازلت عن قطع أرض داخل المقابر المسيحية من أجل تخصيصها كمقبرة إسلامية كما هو الحال في مدينة فالنسيا و برشلونة  ..غير أن بعض الجهات كانت  قد إحتجت على ذلك و ذكرت عبر وسائل الإعلام المحلية أن أزمة المقابر الإسلامية لا يمكن حلها بهذه الطريقة وطالبت بعض لجان الاحياء بإبعاد المقابر الإسلامية عن المسيحية.

وعلى جانب آخر، هناك مشكلة بيروقراطية يواجهها أهل الميت تتعلق  بعدم حصولهم على رخص الدفن في غير بلديات إقامتهم و هذا ما أدى بالعديد من الجمعيات الإسلامية للإتصال بالمركز الإسلامي في مدريد لنقل الموتى المسلمين عبر بلديات متعددة في انحاء إسبانيا ودفنها بمقبرة غرينيون بمدريد و هي المقبرة الوحيدة التي يمكن أن تستقبل كل موتى المسلمين عبر كامل التراب الإسباني.

المصدر: إيلاف