مصر: أزمة سياسية مفتوحة بعد تعثّر التغيير الوزاري

  • طباعة
بدت مصر أمام أزمة سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات أمس، بعد تعثّر التغيير الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة الانتقالية عصام شرف في اللحظات الأخيرة بسبب تظاهرات خرجت رافضة بعض الوزراء الجدد. وأعلن متظاهرون في ميدان التحرير رفضهم تعليق اعتصامهم الذي دخل يومه الثاني عشر بسبب استمرار وجود محسوبين على النظام السابق (وزير الكهرباء والبيئة والتعاون الدولي) في الحكومة المعدلة، بل وصل الأمر إلى حد الدعوة إلى تظاهرات يوم الجمعة للضغط من أجل إطاحة شرف نفسه.

وأفادت المعلومات الواردة من رئاسة مجلس الوزراء أن شرف يواجه مأزقاً كونه لن يتمكن من إرضاء كل الائتلافات الشبابية غير المتفقة في ما بينها على الأسماء المرشحة للحقائب الوزارية. وكان الدكتور شرف انتهى مساء أول من أمس من تشكيل حكومته المعدلة وكان يستعد للذهاب إلى المجلس العسكري لأداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية، لكنه اضطر إلى العودة للتشاور مجدداً مع مستشاريه ونائبيه الدكتور نبيل الببلاوي والدكتور علي السلمي حول إجراء تغيير جديد في الحقائب.

ويأتي ذلك في وقت أكد مصدر طبي مسؤول أن الحالة الصحية للرئيس السابق حسني مبارك مستقرة، وأن عضلة القلب تعمل بكفاءة عالية، موضحاً أن آخر موجات صوتية أجريت لمبارك اثبتت أن عضلة القلب تعمل بكفاءة تصل إلى 70 في المئة، ما يشير إلى استقرار حالته الصحية وانه بصحة طيبة. إلا أن المصدر أشار إلى تردي الحالة النفسية للرئيس السابق ما أدى إلى فقدانه الكثير من وزنه، خصوصاً بعد علمه بما يتردد عن نقل محاكمته إلى محكمة جنوب سيناء الأمر الذي ترك اثراً سلبياً عليه وعلى قرينته سوزان ثابت صالح.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر مسؤول إعلانه أمس تأجيل اليمين القانونية للوزراء الجدد في حكومة شرف الجديدة أمام رئيس المجلس العسكري للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي والذي كان من المقرر له مساء أمس إلى موعد آخر، لم يحدد بعد (تردد أنه سيكون اليوم). وأشار المصدر إلى أن سبب التأجيل هو إجراء رئيس الوزراء مزيداً من المشاروات مع وزراء آخرين.

وأعلن معتصمون في ميدان التحرير أنهم قرروا مواصلة اعتصامهم ودعوا إلى «تظاهرة مليونية» الجمعة المقبلة، وصعّدوا من مطالبهم لجهة المطالبة بإطاحة كل أركان الحكومة وفي مقدمهم شرف، وعدم الإبقاء على أي وزير من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وخرجت مسيرات في ميدان التحرير صباح أمس طالبت بإقالة النائب العام، وإقالة الحكومة كلها بحجة عدم تحقيق مطالب الثورة، وعلى رأسها محاكمة الضباط المتورطين في قتل المحتجين. وردد المعتصمون أمس هتافات مناوئة لشرف من بينها «يا عصام.. يا عصام.. انزل معنا من هناك» و «يا مشير.. يا مشير.. الشرعية من التحرير» و «مش ماشين.. مش ماشين.. غير ما الإعدام للاثنين»، في إشارة إلى وزير الداخلية السابق حبيب العادلي والرئيس المخلوع مبارك.

وانتقد معتصمون تحدثت اليهم «الحياة» تجاهل التغيير الوزاري ترشيحات القوى السياسية، والإبقاء على وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي «على رغم فشله في إعادة الأمن إلى الشارع المصري ... كذلك الابقاء على وجوه محسوبة على النظام السابق في مقدمهم وزير الكهرباء حسن يونس والبيئة ماجد جورج والتعاون الدولي فايزة أبو النجا». وأكد الناطق باسم حركة «شباب 6 أبريل» محمد عادل أن الحركة ترى أن التعديل الحكومي «غير كافٍ، مع تمسكنا باستمرار الدكتور عصام شرف رئيساً للوزراء». وأوضح عادل لـ «الحياة» أن التعديلات الوزارية التي خرجت «تحمل بعض أخطاء الماضي»، مشيراً خصوصاً إلى بقاء وزير البيئة ماجد جورج، ووزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا، ووزير الكهرباء حسن يونس، إضافة إلى تضمين التشكيل معتز خورشيد كوزير للتعليم العالي، وهو أحد المحسوبين على الحزب الوطني السابق.

وكان شرف أعلن عن التشكيل الوزاري الجديد وضم 14 وزيراً جديداً، إضافة إلى الدكتور علي السلمي نائباً لرئيس الوزراء لشؤون التحول الديموقراطي. وشمل التشكيل الجديد العديد من الأكاديميين، وخلا من الوجوه الثورية. وضمت الوجوه الجديدة كلاً من: الدكتور حازم الببلاوي نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزيراً للمال، الدكتور معتز خورشيد وزيراً للتعليم العالي، الدكتور حازم عبدالعظيم وزيراً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الدكتور عمرو حلمي وزيراً للصحة، الدكتور علي زين العابدين وزير النقل، الدكتور صلاح السيد يوسف وزير الزارعة، والدكتور عبد الفتاح البنا وزير الدولة للآثار، قبل أن يعود شرف أمس ويلغي التكليف بعد تظاهر المئات من الاثريين الرافضين لوجوده. كما ضم التغيير الوزاري المستشار محمد عطية وزيراً للتنمية المحلية، والدكتور محمد عبدالفضيل القوسي وزيراً للأوقاف، واللواء لطفي مصطفى كمال وزيراً للطيران المدني، وأحمد فكري عبدالوهاب وزيراً للتجارة والصناعة، والسفير محمد كامل عمرو وزيراً للخارجية، واللواء علي إبراهيم صبري وزير الدولة للإنتاج الحربي، والدكتور هشام قنديل وزيراً للموارد المائية والري.

وأبقى شرف على وزراء الداخلية، العدل، التعاون الدولي، شؤون البيئة، الثقافة، الكهرباء، القوى العاملة، التربية والتعليم، التضامن والعدالة الإجتماعية، السياحة، الإسكان، البترول، والإعلام. وخلا التشكيل الوزاري الجديد من الوجوه النسائية.

ونفى الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين الدكتور سعد الكتاتني مشاركة جماعته في تنظيم تظاهرات ينوي نشطاء تنفيذها الجمعة، داعياً إلى تعليق الاعتصامات وإمهال حكومة شرف الجديدة فرصة العمل.

في غضون ذلك، أرجأت محكمة جنايات القاهرة أمس محاكمة وزير الإعلام السابق أنس الفقي في شأن الاتهامات المسندة إليه بإهداره للمال العام والإضرار العمد بأموال اتحاد الإذاعة والتلفزيون.


القاهرة - أحمد مصطفى