مؤرخ إسباني ينتقد تجاهل الغرب للإسلام وصراع الحضارات

  • طباعة
سيتم تكريم المؤرخ الإسباني بيدرو مارتينيز مونتابيز خلال المعرض الدولي للكتاب، الذي ستحتضنه مدينة الدار البيضاء في الشهر المقبل، بمناسبة إصداره لكتابه الأخير«تطلعات غربية واحتياجات عربية»، وذلك بمبادرة من مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات الموجود مقره بالرباط. ويعتبر مونتابيز واحدا من المثقفين الإسبان المهتمين بدراسة الإسلام والثقافة الإسلامية ومن الأصوات المعتدلة في مقاربة قضايا العالم الإسلامي.

ويتعرض مونتابيز في كتابه إلى قضايا الإسلام والديمقراطية، والإسلام والغرب، والعلاقة بين الإسلام والإرهاب، والمفاهيم المسبقة في العالم الغربي عن الإسلام والمسلمين، خاصة بعد تفجيرات 11 سبتمبر 1002 التي شكلت تحولا نوعيا في العلاقة بين الغرب والإسلام. ويقول المؤلف إن العلاقة بين الحضارة الأورو أمريكية المسيحية والحضارة العربية الإسلامية تجتاز مرحلة يصفها بأنها«حاسمة وخطيرة»، ويعتبر أن السبب وراء ذلك يكمن في وجود قناعة منتشرة في الغرب لم تتعرض لما يكفي من التمحيص والنقاش، وهي القناعة بأن العالم الغربي متفوق على الحضارة الشرقية، ويضيف قائلا:«لا يتعلق الأمر فقط بالتفوق التقني والمادي والزمني، لا، بل يتعلق الأمر بالتفوق على مستوى القيم والأخلاق». ويرى مارتينيز أن سبب هذا الشعور بالتفوق على العالم الإسلام أو الحضارة الشرقية هو الجهل التام في الغرب بالإسلام والمسلمين.

وهنا يلامس مارتينيز فكرة مهمة جدا، فبعد أن يستشهد بقولة للمفكر المغربي عبد الله العروي يقول فيها هذا الأخير «في الوقت الذي نجد في الغرب أن الذين يعرفون الثقافة العربية هم المختصون فقط، فإننا نجد في المقابل أن أي شخص عربي متغرب إلى هذا الحد أو ذاك يستبطن صورة معينة عن الغرب»، يقول بأن العديد من التبسيطيين الذين يوجدون في الغرب يعتبرون بأنه لا وجود لمثقفين عرب، وأن صفة المثقفين تنطبق فقط على أولئك الذين تلقوا الثقافة الأوروبية، مبديا استغرابه بالتساؤل:«هل هناك جرأة أكثر من هذه؟». ويقترح مارتينيز، لتجاوز تلك النظرة التحقيرية، فتح جسر بين العالمين الغربي والإسلامي من أجل الحوار والتفاهم، مضيفا أن أي طريق آخر سوف يقود إلى اللاعدالة والشمولية والبربرية.

ويرى مارتينيز أن الإسلام ليس فقط مجرد دين بل هو حضارة أيضا «ولكن يجب عدم نسيان أنه دين في الأصل»، ويضيف بأن الإسلام هو بالنسبة للمؤمنين به دين مثله مثل المسيحية واليهودية، ويقول«لنقارن الأسماء الثلاثة ونستخرج الخلاصات اللازمة: اليهودية تحيل على شعب، فهذا هو مرجعها ونقطة البدء الأساسية، والمسيحية تحيل على الفرد، وهذا أيضا هو مرجعها ونقطة البدء الأساسية فيها، والإسلام يحيل على إيمان، وعلى فكرة، وما أريد أن أقوله من ذلك هو أن الديانة الأكثر تجريدا في الأصل بين الأديان السماوية الثلاثة هي الإسلام، وإذا كانت نقطة البدء الأساسية في الإسلام فكرة فإن هذا يعني ديناميكية روحية وشعورية».

ويحاول مارتينيز أن يرد العلاقة بين الغرب والإسلام إلى أصلها، بعيدا عن التصورات التبسيطية التي التصقت بالطرفين، ويرى أنهما ينتميان إلى طبيعتين مختلفتين، فالغرب يحيل على مجال جغرافي، بينما الإسلام يحيل على مجال ديني نظري، ومن ثمة فإن هناك فروقا في القيم التي يتمثلها كل طرف منهما. ويؤكد المؤلف بأن هذا الفضاء الديني الواسع أصبح في العصر الحديث ينقسم إلى فضاءات مختلفة، فهناك الفضاء المتوسطي والفضاء الآسيوي والإفريقي والهندي والشرق أدنوي، ما يعني أن المقاربات تختلف وفق هذا التميز. وبخصوص العلاقة بين الإسلام والإرهاب، كما روج لذلك الإعلام الغربي والإسباني خلال مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، ينتقد مارتينيز الخبراء والمثقفين الغربيين الذين يربطون بين الإثنين، ويرى أن هذا الربط يوجد أكثر لدى النخبة الثقافية الغربية أكثر مما يوجد لدى النخبة السياسية، وهي المفارقة التي يسجلها المؤلف في اتجاه القول بأن هناك عدم معرفة كافية بالإسلام في الغرب.
 

صحف