تخوفات من تسلل عناصر القاعدة في الساحل والصحراء للتراب الوطني

  • طباعة
داخل مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بحي المعاريف بالدار البيضاء يواصل المحققون استنطاق المعتقلين الخمسة في الخلية الأخيرة التي أعلن عن تفكيكها يوم أول أمس. فيما تقوم فرقة خاصة للأمن المعلوماتي بتفحص أجهزة الكومبيوتر التي تم حجزها في منازل كل منهم والتي كان يتم انطلاقا منها التواصل فيما بينهم وبين المواقع الإلكترونية للتنظيمات الإرهابية سواء في العراق أو الصومال والصحراء والساحل وغيرها.

لم تكشف المصالح الأمنية عن المعلومات الجديدة التي توصلت إليها لحد الآن، لكن مصادر مقربة من التحقيق أكدت أن أحد أفراد الخلية له خبرة في مجال المعلوميات، وهو ما يؤكد قدرته على انشاء موقع الكتروني وهمي يستغله لقرصنة الحسابات البنكية، ولا تزال التحقيقات متواصلة لمعرفة عدد عمليات القرصنة والجهات التي أرسلت إليها الأموال داخل المغرب وخارجه، لكنه كشف أن عمليات القرصنة تستغل عائداتها لتمويل عمليات إرسال المقاتلين إلى مختلف بؤر التوتر بالعراق والصومال وأيضا بمعسكرات القاعدة في المغرب الإسلامي، لو أن كانت قد كشفت معطى جديدا وهو أن قرصنة الحسابات البنكية عبر الأنترنيت أصبح مصدر تمويل للإرهاب بعد سرقة السيارات وتزوير الوثائق والسطو على الأبناك وتهجير البشر وتهريب السلاح والمخدرات.

أهداف عديدة وضعها أفراد الخلية نصب أعينهم، حسب مصادر أمنية. إلى جانب التخطيط لضرب المصالح الغربية في المغرب واستهداف مقرات الشركات الأجنبية والمواقع السياحية، خطط المعتقلون الخمسة لتنفيذ اعتداءات تستهدف عددا من المؤسسات السجنية وكذا اغتيال أجانب وشخصيات عمومية وعلى رأسهم مدراء  بعض السجون خاصة تلك التي عرفت أحداث في الأشهر الأخيرة كسجن سلا وبوركايز . وإلى جانبهم بعض القيادات الأمنية.

مصالح الأمن قالت إن أفراد الخلية قاموا بفتح قنوات اتصال عبر الإنترنت، مع خبراء في مجال تصنيع المتفجرات من بينهم عادل العثماني المتهم الرئيسي في تفجير مقهى أركانة بمراكش، ولا تزال التحقيقات مستمرة لمعرفة العلاقة بين خلية «أركانة» والخلية الأخيرة وخلايا أخرى تم تفكيكها مؤخرا سعت لإرسال شبان إلى الصومال.  ولا يستبعد أن تكون هناك علاقات بين مختلف الخلايا التي تنشط على الأنترنيت في التواصل ليس فقط في المنتديات المسماة  ب«الجهادية» لكن أيضا في منتديات مختلفة للتمويه وابعاد أنظار خبراء الإستخبارات الوطنية والدولية عنهم.

لا يستبعد المصدر ذاته أن يكون للخلية علاقة بالخلايا التي تم تفكيكها ومنها «سرية البتار» التي أكان أميرها دائم الحضورعلى منتدى موقع «شموخ الإسلام»  تحت لقب «درع لمن وحد» مستغلا خبرته في المعلوميات وتوفره على شركة للإستشارة الإلكترونية. لكن مصالح الأمن كانت تترصد خطواته وحين وترك رسالة وداع في المنتدى تلقف أفراد خلية شرطة المعلوميات الإشارة، واستعداد صاحبها الدخول في العد العكسي لتنفيذ مشروعه الإرهابي واستهداف عميد مركزي اقليمي ورجل أعمال مغربي وصحافي فرنسي، لتقرر إيقافه، قبل أن يسقط تباعا أفراد خليته وهما مدان سابق في ملف إرهابي وأخيه من أمه.

المصدر الأمني ذاته يؤكد أن أفراد الخلية كانوا في مرحلة سبات منذ سنوات، لكنهم عادوا للنشاط من جديد بعد أن أحسوا بابتعاد الأنظار عنهم، شأنهم شأن خلايا نائمة محتملة.

من جهة أخرى لا تزال تهديدات مغاربة في صفوف تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تؤرق المصالح الأمنية. والسبب أن عناصر إرهابية توعدوا من جديد على الأنترنيت بما أسموه «ضربة موجعة للطاغوت المغربي»، وهو ما ينذر بخطر جديد في حالة العودة العكسية لمقاتلين تقلوا تدريبات بمعسكرات القاعدة على التراب الجزائري ومنطقة الساحل والصحراء.
كل ذلك يأتي بعد أن كشفت تقارير استخباراتية عن أن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يسعى بكل الوسائل للتمركز في المغرب ليتمكن من الوصول الى أوروبا بسهولة أكبر»، مضيفة أن «عناصر القاعدة يحاولون بكل الوسائل إقامة قواعد في المغرب لزعزعة استقرار هذا البلد وكذلك للوصول بسهولة أكبر الى أوروبا وخصوصا إلى دول مثل فرنسا واسبانيا». ذلك ما يؤكده استمرار الإستقطاب في صفوف الشباب للالتحاق بمعسكرات «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» خارج المغرب بغية الاستفادة من تداريب عسكرية في أفق العودة إلى ترابه من أجل تنفيذ عمليات إجرامية تستهدف مقرات المصالح الأمنية والمصالح الغربية». كل ذلك يؤكد أن شبح الإرهاب يلاحق بلدنا مادام هناك سعي متواصل للتوسع داخل التراب المغربي الذي فشل التنظيم الإرهابي في أن تطأه قدماها وبالتالي تهديد أمنه واستقراره على غرار موريتانيا والجزائر ودول الساحل والصحراء.