أبو الحسن الشاذلي قطب ينير وادي

يستقبل وادي “حميثرة” على ساحل البحر الأحمر جنوب مصر، في أيام عيد الأضحى المبارك من كل عام، آلافاً من المصريين في طريقهم إلى ضريح أبو الحسن الشاذلي المغربي، أحد أقطاب الصوفية في مصر والعالم العربي قاطبة

وقد بلغ عدد الحافلات التي زارت حميثرة هذا العام قرابة الأربعون ألف سيارة بزيادة ثلاثة آلاف سيارة عن العام السابق. ويتوافد على الجبل كل عام آلاف من المريدين، حيث تنتشر على سفحه وبالقرب من ضريح “قطب زمانه” مئات من المخيمات الصغيرة، حيث تحرص عائلات بكاملها في صعيد مصر على تلك الزيارة والمشاركة في الاحتفالات التي تصاحب مولد القطب الصوفي الكبير. ويستعين المصريون في الجنوب على طول المسافة من قراهم البعيدة إلى حيث مقر الضريح في جبل حميثرة بالغناء والأناشيد الدينية، حيث تنطلق القوافل في مشهد مهيب عبر الطريق المؤدي إلى صحراء عيذاب عن طريق إدفو أو القصير أو مدينة قنا، وكأن لسان حال الجميع يقول في آن واحد: “كل الطرق تؤدي إلى حميثرة”.

 

ويعد أبو الحسن الشاذلي واحداً من أشهر المتصوفة الذين وفدوا إلى مصر في القرن السابع، وكان الشاذلي قد وَفَدَ إلى مصر مع مجموعة من تلاميذه ومريديه قادماً من المغرب، فاستوطنوا الإسكندرية في بادئ الأمر، وكان ذلك في العام 642هــ 1244م، وأنشأوا بها مدرسة صوفية كبيرة، كان من أشهر من تخرجوا فيها العارف بالله سيدي أبو العباس المرسي، وابن عطاء الله السكندري. ولد أبو الحسن الشاذلي في أواخر القرن السادس الهجري ( 593هـ/1196م) في إقليم غماره بالقرب من مدينة سبته بالمغرب.

 

وتعلم الشيخ أبو الحسن على يد شيخه عبد السلام بن مشبش (635هـ/1228م). وتوفي الشاذلي بينما كان في طريقه لأداء فريضة الحج مع حشد من مريديه، فدفن في وادي حميثرة، وتحول ضريحه من يومها إلى مزار وملجأ للعديد من المتصوفة والباحثين عن الهدوء والتأمل، بل صار وسيلة يجد فيها المتشوقون للحج ما يعينهم على الصبر حتى يأذن لهم الله بأداء الفريضة التي يمنعهم عنها أن "العين بصيرة واليد قصيرة لا تقوى على تكاليف السفر".